الرئيسة \  واحة اللقاء  \  استجابة أمريكية لا تتجاوز التصريحات الرتيبة رداً على الهجمات ضد درعا 

استجابة أمريكية لا تتجاوز التصريحات الرتيبة رداً على الهجمات ضد درعا 

09.08.2021
رائد صالحة


القدس العربي 
الاحد 8/8/2021 
واشنطن ـ "القدس العربي": تخلت الولايات المتحدة في عام 2018 عن فصائل المعارضة السورية في درعا بالتزامن مع هجمات جوية روسية مساندة لهجوم شنته قوات النظام السوري، وقد وجهت الإدارة الأمريكية في ذلك الوقت رسالة قالت فيها بكل وضوح أنها تتفهم الظروف القاسية التي تواجهها الفصائل ولكنها يجب أن لا تتوقع أي تدخل عسكري أمريكي، ومن الواضح أن الولايات المتحدة لن تتدخل الآن في درعا مع الهجمات الأخيرة للنظام، ولكن بدون رسالة أو اعتذار هذه المرة. 
ولم تتجاوز ردة الفعل الأمريكية على أحداث درعا التعليقات التقليدية لوزير الخارجية أنتوني بلينكن، الذي وصف ما يحصل في درعا بالهجوم الوحشي، والدعوة إلى وقف فوري للعنف الذي أودى بحياة المدنيين وشرد الآلاف الذين يعانون من نقص الدواء والغذاء، كما دعت الخارجية الأمريكية لوقف إطلاق النار في جميع أنحاء سوريا بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 2254. 
وأعربت عن قلق الولايات المتحدة البالغ إزاء الوضع في درعا، بما في ذلك التقارير عن إلحاق الأذى بالمدنيين، والظروف الصعبة والمعقدة للغاية التي يفرضها النظام السوري على السكان. 
ودعت الوزارة جميع الأطراف إلى وقف التصعيد على الفور والسماح للمساعدات والمدنيين بالتحرك بحرية، وأكد مسؤول في الخارجية على أن هذه الأحداث هي دليل إضافي على أن الأزمة الإنسانية في سوريا هي نتيجة مباشرة لهجمات النظام السوري المروعة والقاسية على الشعب السوري، وأنه لا يمكن حل النزاع إلا من خلال الانتقال السياسي. 
وفي الكونغرس، وصف السيناتور الديمقراطي بوب ميننديز، العضو البارز في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ أعمال العنف وحصار المدنيين الأبرياء على مدى شهر كامل في درعا بالأمر "المثير للغضب" وقال في تغريدة على تويتر إن ما يجري هو دليل آخر على عدم شرعية نظام الأسد، كما طالب السيناتور بمحاسبة الأسد وداعميه الروس والإيرانيين. 
وطالب النائب الجمهوري آدم كيزينغز إدارة بايدن بالتحرك فوراً لوقف الفظائع في سوريا، ودعا روسيا وإيران إلى الوقف الفوري للحصار القاسي والعمليات المستمرة ضد نحو 50 ألفا من المدنيين الأبرياء في درعا. 
وفي الواقع، لا تبتعد الاستجابة الأمريكية الرتيبة على الهجمات ضد درعا عن سياستها العامة تجاه سوريا بشكل عام، ومن الواضح أن الأزمة الأخيرة في جنوب سوريا لن تؤثر قطعياً على نهج إدارة بايدن. ويتوقع المسؤولون الأمريكيون عدم حدوث أي تغييرات فيما يتعلق بالتواجد الأمريكي العسكري في سوريا، ولا يبدو أن هناك أي خطط في الوقت الحاضر لتغيير طبيعة المهمة أو تغيير السياسة المتعلقة بالشأن السوري. 
حروب أمريكا 
وفي الوقت الذي يسعى فيه الرئيس الأمريكي، جو بايدن، لإنهاء "حروب أمريكا إلى الأبد" في سوريا وأفغانستان، إلا أن عملية وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) في سوريا تستمر بهدوء "تحت الرادار" ولا يزال الجيش الأمريكي بدون خطة خروج واضحة. 
وتقوم إدارة بايدن بسحب القوات الأمريكية من أفغانستان والانتقال رسمياً إلى دور استشاري في العراق، ولكن العملية العسكرية الأمريكية في سوريا، لن تشهد تغييرات مماثلة، ويتوقع المسؤولون الأمريكيون بقاء مئات القوات في البلاد في المستقبل المنظور، في حين أكد العديد من المسؤولين أنه لا يجوز الخلط بين أفغانستان والعراق وسوريا، لأنها قضايا منفصلة . 
وسيبقى ما يقارب من 900 جندي أمريكي، بما في ذلك عدد من أصحاب "القبعات الخضراء" في سوريا لمواصلة دعم وتقديم المشورة لقوات سوريا الديمقراطية، التي تقاتل تنظيم "الدولة" وهو نفس الدور الذي لعبوه منذ التدخل الأمريكي في عام 2014. 
ويعتقد المسؤولون الأمريكيون أن دعم قوات سوريا الديمقراطية كان ناجحاً للغاية، وهناك رغبة في الإدارة الأمريكية لمواصلة الدعم، وكشف العديد من المسؤولين أن القوات الأمريكية لم ترافق القوات المحلية في العراق أو سوريا منذ عام 2014 إذ كان الهدف منصباً على بناء القدرات المحلية في كلا البلدين لمحاربة التنظيم. 
وقد تعرضت القوات الأمريكية في الأسابيع الأخيرة لإطلاق نار ضمن سلسلة هجمات شنتها الميليشيات المدعومة من إيران، وفي العام الماضي، توغلت القوات الروسية مراراً في الأراضي التي تسيطر عليها القوات الأمريكية في شرق سوريا في إطار ما وصفه المسؤولون بأنه حملة متعمدة لإخراج الجيش الأمريكي من المنطقة، وفي آب/أغسطس الماضي، أُصيب أربعة من أفراد الخدمة الأمريكية بعد مشاجرة مع القوات الروسية في شمال شرق سوريا. 
وقال محللون أمريكيون إن المهمة العسكرية الأمريكية لها تداعيات تتجاوز بكثير قتال تنظيم "الدولة" في خضم تعدد المصالح الأجنبية، خاصة فيما يتعلق بالطموحات الروسية والإيرانية، وأشاروا إلى أن وجود القوات الأمريكية يمنع قوات النظام السوري المدعومة من روسيا من الوصول إلى حقول النفط والموارد الزراعية في شمال شرق سوريا، ويعمل على إعاقة هدف إيران المتمثل في إنشاء ممر جغرافي بين طهران ولبنان والبحر الأبيض المتوسط. 
وترى الخبيرة لارا سيليغمان في دراسة نشرتها مجلة "بوليتيكو" أن الحفاظ على القدرة على عرقلة الجهود الإيرانية لنقل الأسلحة إلى سوريا هو جزء مهم من الوجود الأمريكي هناك، حيث أن إيران تستفيد من حالة عدم الاستقرار الدائم.